فلسطين حاضرة.. افتتاح أيام قرطاج المسرحية بدورتها الـ24

 

عمل صحفي لــ: محمود بامية 

بالمسرح نحيا.. وبالفنّ نقاوم".. هكذا افتتحت تونس أيام قرطاج المسرحية في دورتها الـ24 التي تزامنت مع

 تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلف آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين.

ولأن أيام قرطاج المسرحية "كانت دائمًا، وستظل في نصرة قضايا الحق والعدل والكرامة"، فإنّ شعار "بالمسرح نحيا.. وبالفنّ نقاوم" يختزل مضامين الدورة الجديدة لهذه الأيام، بحسب ما أكد مديرها معز المرابط.

وقال المرابط، الذي اعتلى ركح المسرح البلدي مرتديًا الكوفية الفلسطينية، إنّ أيام قرطاج المسرحية ستبقى في نصرة قضايا الحق والعدل وكرامة الإنسان، أين ما كان، ومنها القضية الفلسطينية.

وأضاف: "أربعون سنة مرّت وراكمت الإبداع تلو الإبداع. تتالت العروض على مسارح تونس من داخل وطننا العزيز، ومن بلدان عالمنا العربيّ، ومن عمقنا الإفريقيّ، فكتبت فصولًا خالدة تشهد أنّ المسرح يظلّ على مدى الزمن أرقى مبحث فنيّ، ينشر أسمى الفضائل وأنبل القيم".

وأكد في كلمته خلال افتتاح أيام قرطاج المسرحية والتي وجهها لأهل فلسطين "نحن معكم إلى أن تصبحون على وطن كما تنبّأ بذلك الشاعر الكبير محمود درويش".

40 عامًا على أيام قرطاج المسرحية

وشهد افتتاح أيام قرطاج المسرحية مساء السبت في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الجاري إضاءة واجهة المسرح البلدي احتفاء بمرور أربعين سنة على تأسيس هذا المهرجان العريق تاريخيًا والكبير ريادة وإشعاعًا.

وكان جمهور الفن الرابع على موعد مع الفرجة المتجسدة في واجهة مبنى المسرح البلدي من خلال عرض "نهائي" من إسبانيا، الذي ظهرت فيها الراقصتان في مساحتين منفصلتين من البياض والنور، في أداء للوحات رقص كلاسيكي على إيقاع مقطوعات سمفونية شهيرة مثل "بحيرة البجع" و"كسارة البندق" و"جيزيل..".

وفي إخراج مميز للمسرحي حاتم دربال، جاء تقديم حفل افتتاح الدورة 24 لأيام قرطاج المسرحية بتوقيع الإعلامية سنية اليونسي من تونس والمخرجة والممثلة دلال فياض من الأردن.

وقال لسعيد سعيّد، رئيس ديوان وزيرة الشؤون الثقافية التونسية، إنّ الدورة الجديدة لأيام قرطاج المسرحية تنتظم في "ظل الظرف الإنساني العالمي الصعب، حيث يعاني أشقاؤنا الفلسطينيون مختلف صنوف الغطرسة والتنكيل".

وأضاف في كلمة نيابة عن وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي، أن هذه الدورة "يتزامن انعقادها مع الذكرى الأربعين لتأسيس المسرح الوطني التونسي (1983)".

وقال: "في سنّ النبوءة والحكمة هذه لا بدّ أن يفيد المسرح من مختلف التجارب المتراكمة والمدارس المتنوعة التي أنتجت إبداعًا مختلفًا ومميزًا له بصمته في إفريقيا والعالم العربي للنظر إلى المستقبل برؤية متجددة".

من جانبها، قرأت الفنانة اللبنانية الملتزمة حنان الحاج علي نصًا للشاعر الفلسطيني حيدر الغزالي بعنوان "هنا غزة" في تحية لملحمة فلسطين الخالدة، وذلك لأن الشعر هو رفيق الثورات وقرين المقاومة.

أما قصيدة "أيها المارون بين الكلمات العابرة" لمحمود درويش، فقد تم تقديمها بصوت المسرحي التونسي رؤوف بن عمر، كعبارة عن هدية إلى غزّة بعد طوفان الأقصى وقبله بعشرات السنين.

تكريم واحتفاء

 وشهد حفل افتتاح أيام قرطاج المسرحية تكريم وزير الشؤون الثقافية الأسبق والأستاذ المسرحي عبد الرؤوف الباسطي، والممثلة المسرحية ناجية الورغي، والممثل والمخرج المسرحي حسين محنوش من تونس، والثنائي اللبناني روجيه عساف وحنان الحاج علي إجلالًا لتجربتهما في تأسيس "مسرح دوار الشمس".

كما كرمت أيام قرطاج المسرحية كل من عبد الغني بن طارة ومحمد كدوس وريم الحمروني والأسعد محواشي، في إطار استحضار لذكرى مبدعين فقدهم المشهد الثقافي التونسي.

وجرى تكريم أمين زندكاني وإلهام إينالي حميدي من إيران، بالإضافة إلى تقديم ورود التكريم إلى الفنان العرائسي "يايا كوليبالي" من مالي.

رقص وغناء وعروض موسيقية

وتضمّن حفل افتتاح أيام قرطاج المسرحية فواصل موسيقية في استضافة للفنانة السورية لين أديب، التي قدمت أغنيات متنوعة بصوتها الشجي وأسلوبها المميز الذي يجمع بين الجاز والمدونة الكلاسيكية والتراتيل البيزنطية".

كما كانت انطلاقة العروض في الدورة 24 لأيام قرطاج المسرحية مع عرض "كتاب الأدغال" للمخرج العالمي الشهير روبرت ويلسون في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة مساء السبت 2 ديسمبر 2023. 

وقد قدّم المخرج الأميركي الكبير كوميديا موسيقية ممتعة للكبار وللصغار على حد سواء.

وما بين الرقص والغناء والحوار، جاء العرض مفعمًا بالحيوية وبالطاقة التي تهدينا إياها الطبيعة والحياة. في عالم "بوب ويسلون" لا غرابة أن يلتقي السريالي والعجائبي والفنتازي في اقتراح لجماليات مسرحية تخاطب كل الحواس وتنفذ إلى عمق الإحساس. في اعتماد على سينوغرافيا الألوان المتلألئة، تعدّدت الشخصيات في "كتاب الأدغال" في جمع بين عالمي الحيوان والإنسان